صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/26

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–٢٦–

صبيحة مسفرة

ومن التخييل الذي لا يدخل له الشاعر من طريق تشبيه أو مجاز ما تشهد لصاحبه بالحذق في الصناعة وأنت تشعر بانه عرض عليك الموهوم في حلية المعقول كقول الطائي

ولا يروعك ايماض القتير به
فان ذاك ابتسام الرأي والادب

أخبر عن الشيب بأنه ابتسام الرأي والادب اللذين هما محبوبان ومحترمان لكل احد ابتغاء أن تأنس العين لرأيته ولا تنظر اليه نظر الازدراء به، وليس هذا من قبيل التشبيه اذ لم يكن للرأي والادب ابتسام يعهده السامع حتى يقصد الشاعر الى تشبيه الشيب به بل أراد أن يخيل لك أن الشيب ابتسام في الواقع ولهذا تجد في نفسك ما يناجيك بان صورة هذا المعنى غير مطابقة للحق وان استحكم تأليفها ودق مأخذها

ومنه ما يستملحه الذوق ويسعه نظر المحقق وتجد هـذا في قول زهير

لو نال حي من الدنيا بمكرمة
أفق السماء لنالت كفه الافقا

فهذا البيت لم ينسج على منوال تشبيه أو مجاز، وليس لك أن تطرحه من حساب التخيلات المقبولة، وبلوغ كف الممدوح الافق لا يتفق مع النظر الصحيح غير أن تعليقه على حصوله