صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/37

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

ْ

–۳۷–

عن المطر مظنة الصحة والمتانة، وانسكاب الغيث من خلاله منبئاً بتفتقه، ومعمعة الرعد اعلاناً بانخراقه. ووميض البرق شظايا من اللهب تؤذن بأحتراقه. واما ان يستوفى المعنى بالصراحة ثم يأتى بمثاله الخيالي متواصل الاجزاء وهذا كقول بعضهم

رأيتكم تبدون للحرب عدة
ولا يمنع الاسلاب منكم مقاتل
فانتم كمثل النخل يشرع شوكه
ولا يمنع الخراف ماهو حامل

استقصى المعنى الصريح وهو تظاهرهم بالاهبة للحرب وقعودهم عن قتال عدوهم وافتكاك ما سلب من حقوقهم، ثم ضرب له المثل على نسق واحد بالنخل يشرع نصالا مسنونة من الشوك كالمتأهب للذود بها عما يحمل من الثمار فيعمد الخراف لهـا ويجتنبها بأجمعها دون أن يناله ذلك الشوك بأذى

ومن أبدع ما جاء على هذا النمط قول ابن رشيق القيرواني

رجوتك للامر المهم وفي يدى
بقايا أمني النفس فيها الامانيا
وساوفت لي الايام حتى اذا انقضت
أواخر ما عندي قطعت رجائيا
وكنت كأني نازف البئر طالبا
لاجمامها أو يرجع الماء صافيا
فلا هو أبقى ما أصاب لنفسه
ولا هي أعطته الذي كان راجيا

واما أن يصرح لك بالمحل الذي يجعله مناطاً للحديث عنه