عملها في حال البداوة وعملها بعد ان يحفن صاحبها بالحضارة من كل جانب أوضح من نار على علم، فهذا على بن الجهم الذي قال للخليفة
هو الذي يقول:
بيد انه قال البيت الاول أيام كان يسكن البادية وقال البيت الثاني بعد ما نزل بغداد وتراصف في حافظته من الصور والمعاني ما رقت به حاشية طبعه وجعل قريحته تنسج من المعاني البديعة بروداً ضافية
(ثانيهما) الحرية اذ لا شبهة ان الاستبداد الاعمى يطبع الناس على الجبن ويلقى في أفئدتهم رهبة تحملهم على أن يجعلوا بينهم وبين الاقوال التي تسخط لها الحكومة القاسية حاجزاً لا يدنون منه، فيضيق بذلك مجال الشاعر وربما ننكب الخوض في الاجتماعيات ، حذر الوقوع في السياسيات، ومن ذا ينكر ان الخيال الذي يسخره صاحبه في كل غرض ويطلق له العنان في كل حلبة يكون أبعد مرمى وأحكم صنعاً من خيال الشاعر الذي حصرته السياسة في دائرة ورسمت له خطة لا يفوتها، ولقدكنت أعرف أناسا شـبوا تحت سلطة تكره للاديب أن يفتح لهاته .