صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/42

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
-٤٢-

البخيل كيف يشد على الدنيا رباطا فيشعر في نفسه بمهانته ويتصدى لهجائه . ويموت من يعز عليه من قريب أو صديق أو أستاذ فيشعر بالتفجع والاسف عليه وتتفجر قريحته برثائه ، وتحـل بصديقه فاجعة فيحس بالاشفاق عليه فيأخذ في تسليته وتهوين وقعها عليه بالعزاء الجميل ، ويدخل الروضة الفيحاء فيتمتع بمرأى أزهارها وتلحين بلابلها فيهب في صدره ابتهاج وأنس و يسترسل في وصفها وذكر ما راقه من مشاهدها

ومن الشعراء من يسوقه الى الشعر باعث طمع أو خوف أو حياء ومن الجلى أن الاحساس والتأثر مما يفتح أمام الخيال طرقا قلما يبصر بها من يحمل نفسه على الشعر لمجرد الطمع أو الخوف أو الحياء فانظر ان شئت مثلا الى قصيدة أبي الحسن الانباري التي يقول في مطلعها

علو في الحياة وفي الممات
لحق أنت احدى المعجزات

فتجد فيها تخيلات فائقة ، والذي ساعده على ذلك فيما أحسب انه أنشأها عن تفجع واعظام بالغ لانه رثي فيها الوزير ابن بقية يوم قتله عضد الدولة مصلوبا ، فنظمه لهـا - وهو لا يرتجى من ورائها فائدة بل يوجس في نفسه الخيفة من أن يناله عضـد