صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/45

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
-٤٥-

ولا فضل لمن يرى الشمعة فيحاكيها بالرمح اذا قسته بمن ينظر اليها فيقول

كأنها عمر الفتى
والنار فيها كالاجل

فان محاكاتها بالرمح لا تكاد تخفى على ذي بصر وانما الخيال الفائق هو الذي ينتقل منها الى العمر والاجل حيث يشعر بالمناسبة الدقيقة بينهما وهو ان الاجل يدنو من الانسان حينا فحينا ويتقاضى عمره رويداً رويداً إلى أن تتقلص عنـه أشعة الحياة كلهيب الفتيلة يدب في جسم الشمعة وينتقصها قليلا قليلا الى أن يأتي على آخرها وتذهب في الجو هباء منثوراً

ثانيتها - أن يكون التخييل مبنياً على ملاحظة أمور متعددة فالصورة التي يراعى في تأليفها ثلاثة معان مثلا تكون أرجح وزناً وأنفس قيمة من الصورة التي تبنى على رعاية معنيين فن الشعراء من يصور لك الرمح شهابا ثاقبا فهل يحق لك أن تساويه من تخيله لك ورؤوس الاعداء منصوبة على طرفه بالغصن يوم يكون مكللا بالثمار كما قال ابن عمار يخاطب المعتصم صاحب المرية

أثمرت رمحك من رؤوس كماتهم
لما رأيت الغصن يعشق مثمرا

يقف الناس في تصوير الحرب بمعنى الرحى عند قولهم دارت