صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/46

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
-٤٦-

رحى الحرب وكان عمرو بن كلثوم أبسطهم في هذا التخييل باعاً حيث يقول في وصف الحرب

متى تنقل الى قوم رحاها
يكونوا في اللقاء لها طحينا
يكون ثفالها شرقي نجد
ولهوتها قضاعة أجمعينا

فالثقال ما يبسط تحت الرحى ليتساقط عليه الدقيق واللهوة القبضة من الحب تلقي في فم الرحى لتطحنها وقضاعـة هي القبيلة التي يهددها هذا الشاعر بالحرب الطاحنة ، وكأنى به عند ما حضر في نفسه معنى الحرب انساق اليه معنى الرحى لما بينهما من التشابه المعهود ثم تنقل نظره من الرحى الى ما هو من خواصها فوقع على الثفال واللهوة ثم انقلب الى معنى الحرب وألقى نظره إلى ما حوله فتراءى له ميدانها مبسوطا كالثفال والرجال الذين يتهافتون عليها فتتناثر رؤوسهم وتتساقط أشلاؤهم على ذلك الميدان في صورة اللهوة فصاغ الابيات على هذا الوجه الذي يدل على حسن تصرفه في ضم المعاني الى أشكالها

والادباء الذين أروك الحصى في صورة الدر ليسوا بقليل وانما المزية لمن اتسع في صورة هذا المعنى ونظر في تركيبها الى أمور متعددة فقال يصف واديا

وقانا لفحـة الرمضاء واد
سقاه مضاعف الغيث العميم