صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/47

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
-٤٧-
نزلنا دوحه فحنا علينا
حنو المرضعات على الفطيم
وأرشفنا على ظمأ زلالا
ألذ من المدامة للنديم
يروع حصاه حالية العـذارى
فتلمس جانب العقد النظيم

كأني بالشاعر عنـدما فتح جفنه على الحصى وهي في ملاستها وصفاء منظرها انصرف خياله الى ما يحاكيها من الجواهر النفيسة ثم الى حال تناسقها في هيأة قلادة وتذكر بهـذا موقعها من الصدر خطرت على قلبه الفتاة وشرع يتصور كيف تنطر الى تلك الحصى فيهجم على ظنها بغتة ان قلادتها انفرطت وان ما تراه من الحصى انما هو اللؤلؤ الذي كان متناسقا في نحرها قد تساقط الى مواطيء أقدامها فلا تمالك أن تضرب يدها على العقد حتى تحفظ البقية من السقوط أو لتتيقن صـدق ظنها فتسعى الى التقاطها

ثالثها– أن يجرى الشاعر في استخلاص المعاني وتأليفها على ما يوافق الذوق السليم فهو الحافظ النظام المعاني كماان القواعدالعربية تحفظ نظام الألفاظ، ومن الشعراء من تأخذه سنة عن هذا الشرط فيضع المعنى الخيالى على مثال تشمئز منه النفس كما أن ناسج الثياب من غزل اختلفت ألوانه اذا لم يكن صاحب ذوق فائق لم يحكم وضعها وأخرجها في صورة تقذفها العيون.