صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/48

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
-٤٨-

ومثال هـذا ان أبا القاسم بن فرناس أنشد الامير محمـداً أبياتاً يقول فيها

رأيت أمير المؤمنين محمداً
وفى وجهه بذر المحبـة يثمر

فقال له مؤمن بن سعيد: قبحاً لما ارتكبته جعلت وجـه الخليفة محراثا تثمر فيه البذور ( فغشيه الخجل وجعل جوابه عنهذا النقد الصائب سياباً. ووقع في مثل هذه الزلة كثير من كبار الشعراء فهذا أبو تمام يقول في مدح أحد الابطال

ضاحي المحيا للهجير وللقنا
تحت العجاج تخاله محراثا

فجعل ممدوحه محراثا كما جمله هاذياً حين قال

لازال يهذي بالمكارم والعلا
حتى ظننا انه محموم

وهذا بشار بن برد يقول

وجذّت رقاب للوصل أسياف هجرها
وقدت لرجل البين نعلين من خدي

فاثبات الرقاب للوصل والرجل للبين من التخيلات المستهجنة قد يخطر لسائل أن يقول: ان لهؤلاء الشعراء براعة مسلمة وأذواقا لا ترتب في صحتها وصفائها، وقد مرت هذه المعاني التي رميتموها بسبة السخافة على أذه افهـم فالقت اليها بالتسليم أفلا