صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/49

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
-٤٩-

يكون رضاهم عنها واستحسانهم لها شاهداً ببراءتها مما تصفونها به من سماجة الوضع ومنافرة الذوق؟

والجواب ان القبح في هذه المعاني وما كان على شاكلتها محقق بما يجده الانسان في نفسه من أثر النكرة لهـاوعدم الانس لسماعها، فضلا عن شهادة فريق عظيم لا تقصر بهم سلامة الذوق والمعرفة بحرفة الأدب عن طبقة أولئك الشعراء. وهذا ابن رشيق يقول عقب ايراد البيت الاول من بيتى أبي تمام « فلعنة الله على المحراث ههنا ما أقبحه وأركه » ولم يبق سوى النظر في عدم تنبههم لذلك القبح وكيف خفى عنهم وجهـه وهو كاشف لثامه حتى بلغ وضوحه في بعض الابيات ان لا يمتاز بادراكه الادباء عن غيرهم

والوجه في هذا ان البصيرة مثل البصر والمشاهد الصورة عن عيان قد يفوته أن يحدق فيها من بعض الجهات فلا يشعر بما فيها من عيب. فكذلك الشاعر قد يصوغ المعنى ولا يأخـذه بالنقد من جميع أطرافه فيصـدر على عوج قـد يبصر به من هو أضعف بصيرة منه، والعلة في عدم تنبه الشاعر لذلك الخلل قصر المدة فيما بين انشاء القصيدة واراءتها للملأ بحيث لا يتمكن من

- ٤ -