صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/50

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
-٥٠-

تجريد نظره الى كل بيت و نقد معناه من سائر وجوهه

وربما أصيب الشاعر من اعتماده على براعته ومكانة سمعته، اذ كثيراً ما يستفيد الشاعر من المقام والشهرة التي يدركها بين قومه فيتلقون شعره باستحسان فوق ما يتلقون به شعر غيره ممن لم يقم لهم صيت وان كان في نفسه أبعد أمداً وأحكم نسجاً، فكثرة الاجادة وسعة الذكر قد تؤثر في همة الشاعر في بعض الاحيان فيلقى القصيدة على علاتها ولا يحمل نفسه على التدقيق في نقدها. ومن ثم ترى أكثرالذين يقعون في هذه المثرات انما هم كبار الشعراء والمكثرون منهم كأبي تمام والمتنبى ومن كان في طبقتهم

ويؤكد لك أن سيئات الشعراء في هذا الصدد انما لصقت بهم من جهة عدم تقدم المعنى بعد أن تقذفه القريحة نقداً وافياً اما لضيق الوقت أو اغتراراً بما ملكوا من البراعة وأحرزوا من الشهرة، أن أحدهم قد ترسل قريحته معنى فيقع منه موقع الاعجاب حتى اذا أعاد عليه النظر مرة ثانية انكشف له من مساويه ما يجعله في أسف على اذاعته أو في ارتياح من عدم اطلاع الناس عليه

ومن المحتمل أن يصوغ الشاعر المعنى فتأخذ جهة الحسن بقلبه مأخذاً بليغاً ثم يعثر في صورته على وجه من الخلل ولا