صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/58

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-٥٨-

ولو قصد الى ذلك لوجد المسلك وعرا إذ من المحتمل أن يكون كل من الشعرين ورد على أبدع غاية ممكنة في المقصد الذي سيق اليه وان كان أحدها أوسع نطاقا في الخيال. فلو نظرت الى قول بشار

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

سهل عليك الدخول الى المفاضلة بينه وبين قول ابن المعتز

وعم السماء النقع حتى كأنها
دخان وأطراف الرماح شرار

ولو عمدت الى الموازنة بينه وبين قول أحمد بن دراج يصف حالة وداعه لزوجته وابنه الرضيع

تناشدني عهد المودة والهوى
وفي المهد مبغومم النداء صغير
عيبي بمرجوع الخطاب ولحظة
توقع أهواء النفوس خبير

أوقول بعضهم

لئن بكيت دما والعزم من شيمي
على الخليط فقد يبكى الحسام دما

لم تجد الطريق إلى التفضيل بينها أمراً ميسورا. وليس لك أن تعول على ابتهاج النفس واهتزازها وتجعل تفاوته ميزانا للتفاضل لان شدة الابتهاج لسماع الشعر قد تكون تابعة للعواطف والأهواء، من رقت عاطفته لولده الصغير حتى كاد قلبه يذوب لنظراته المكحولة بالتبسم يهتز لقول أحمد بن دراج "ولحظه بموقع