صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/68

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٦٨–


الفنداقي الاندلسي ورفعه في الحسن درجات فقال

وانبرى جنح الدجى عن صبحه
كغراب طار عن بيض كنين

وقد يذهب الشاعر ان الى محاكاة أمر فيحاكيه أحـدهما ناظراً اليه بانفراده ويحاكيه الآخر ناظراً اليه في حال اقترانه بأمور أخرى ، فلا يحق لك متى قايست بينهما ورأيت الاول أحكم ان تفضى لصاحبه بالرجحان اذ قد تكون محاكاة الثاني انما جاءتها الجودة من ملاحظة ما اتصل به من المعاني ولولا هـذه المقارنة لم يقدم صاحبه على هذه المحاكاة ، ربما تسمع ان أبا جعفر الاندلسي خيل أصوات الحمام في الصباح بالخصام فيبدو لك ان تشبيهها بالغناء أو النواح أقرب الى الجودة وأشد مطابقة لحالها ولكنك إذا وقفت على قوله

فالصبح قد ذبح الظلام بنصله
فغدت تخاصمه الحمائم فيـه

أدركت جودة التخييل التي أحرزها بما انضم اليه من تمهيد سبب الخصام وهو اعتداء الصبح على الظلام وقتله بالنصل ذبحاً يعدون في تخيلات ( فكتور هيغو ) تشبيهه الموج بالغنم فاذا قيل لك ان الشاعر العربي معروف الرصافي قـد شبهه بالرجال حسبت انه وقع التشبيه الى الحضيض حتى اذا قرأت قوله يصف قصر البحر في بيروت