صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/70

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–۷۰–


فالمعنى الذي صيغ البيت لتأديته لا يتعدى قولك أخذنا نتناوب الحديث والابل تسير مسرعة في الاباطح . وهذا كما رأيته معنى مبذول وحديث لا يختص به عابر سبيل دون آخر ولولا ان الشاعر أورده في هذه الصورة التى خيلت اليك بطاحاً تتدفق بسيل من أعناق المطايا لم ينل عندك هذا الموقع من الحظوة والاستحسان

قد يكون المعنى في ذاته وجه يدعو نفس السامع إلى النفور عنه ، وصناعة التخييل تبقى له أثراً لذيذاً في النفس فتأتيها اللذة من ناحية غير الناحية التي يجيء منها النفور ، فلو سمع أشياع ابن بقية قول عمارة اليمني شامتاً به وهو مصلوب

ونكس رأسه لعتاب قلب
دعاه الى الغواية والضلال

لوجدوا لهذا البيت في أنفسهم ألماً بليغا يدخل عليها من جهة القدح في كرامة رجل امتلأت صدورهم باجلاله ، وهذا الألم لا يمنع من أن يبقى للبيت في نفوسهم أثر لذة تسرى اليهـا من جهة التخييل وان كانوا لها كارهين . ومما قلت في بعض الخواطر : قد يهذب السياسي حاشية ظلمه فيكون كالبيت البليغ يؤثر في نفس من يهجى به لذة وألما

قد يبدو لك ان هذه الفائدة العامة انما تتحقق فيما إذا كان المعنى معروفاً للسامع من قبل التخييل كوصف حال القمر