صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/76

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٧٦–


اذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت
له عن عدو في ثياب صديق

لو ذهب الى ذم الدنيا صراحة وهي حلوة خضرة لم يأخذه السامع
بمأخذ التسليم وأنكر أن يكون في لذيذ المذاق جميل المنظر
ما يجب الحذر منه، فعدل الى اخراج الذم في مثال يريه كيف
يتزيى الشر بزي الخير ويظهر المؤذي في بهجة ما بعد نافعا،
أو تخفيف الرغبة فيه وتقليل الاهتمام به كما قال المعرى

وان كان في لبس الفتى شرف له
فما السيف الا غمده والحمائل


فمن تمثلت له الملابس بمنزلة الغمد والحمائل من السيف لم
يطمح بنظره الى تنميقها أو يجهد سعيه في اتخاذها من النسيج
الفاخر وانما يصرف همته الى ما تسمو به النفس من علم وفضيلة
كما ان البطل لا يعبأ بالغمد والحمائل وانما يقبل على السيف فينفق
وسعه في اجادة صنعه وارهاف حده
أو التسلية كقول صاحبنا الامير شكيب يسلى البارودي وهو في المنفى

ان يحجبوك فماضر النجوم دجى
ولازرى السيف يوماً طي اغماد
لا بأس ان طال نجز السعد موعده
فأعذب الماءشربا في فم الصادي


أراد أن ينفث في نفس مراسله كلمة تحل منها عقدة الضجر
وتطرد عنها غيم الوحشة فذكره بأن ما جرى عليه من التغريب