صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/79

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-۷۹-


من القصب وهي أوهن من المصادع السيف ومضاءه فاحتاج
الى تأييدها بما يدفع الشبهة ويحشرها في زمرة الاقوال المسامة
فضرب لها المثل في البيت الثاني بالخمر التي هي عصارة العنب وقد
امتازت عن بقية العصير باطفاء نور العقل واطلاق اللسان يخبط
في فلاة الهذر خبط عشواء فصارت بهذه الخاصية حقيقة قائمة
بنفسها ومالكة لقوة لم تكن في جنسها
وقد يكون المعنى مما تألفه العقول ولا يتشبث به في سياقه
ما يجر السامع إلى ارتياب أو يحمله على انكار وانما يقصد الشاعر
الى إيراده في مثال أوضح حتى يقع من نفوس السامعين في قرار
مكين ومثال هذا قول سيف الدين بن المشد

ان ترقى إلى المعالى أ ولو الفض
ل و ساخت تحت الثرى السفهاء
فحباب المدام يعلو على الكأ
س محلا وترسب الاقذاء

فارتفاع الفضلاء الى المراتب العالية وهبوط أهل السفه الى
ما تحت الثرى ليس في نفسه بأمر يتعجب منه أو يتلقى بانكار
فمحاكاته بارتفاع الحباب على وجه الكاس ونزول الاقذاء الى أسفله
انما كانت مؤكدة له ومفصحة عن مناسبته للحكمة وانطباقه
على سنة الله الجارية بارتفاع العناصر النقيـة ورسوب الاجرام
المتعفنة. ومما صغت على هذا النمط