صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/8

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–۸–

فكل أحد يدرك لاول مايطرق سمعه هذا البيت أن الكواكب لاننوى ولا تنطق ولا تخدم ، وأن تلك النجوم المتناسقة في وسط الجوزاء مركبة فيها من قبل أن يصير الممدوح شيئا مذكوراً

أو بعد نظر قليل كقول أبي تمام

لا تنكرى عطل الكريم من الغنى
فالسيل حرب للمكان العالى

فهي المخاطبة في صدر البيت عن إنكارها لفاقة الكريم وفراغ يده من المال وأخبر في العجز بأن السيل لا يستقر على الأماكن المرتفعة ، وهذا المعنى في نفسه صحيح ولكن ألفاء في قوله « فالسيل حرب » أفصحت بأن السبب في عدم توفر حطام الدنيا لدى الكريم هو كون الماء إذا وقع على الاماكن العالية لا يلبث أن ينحدر إلى ما انخفض عنها من وهاد وأغوار وهذا إنما وصل إلى الذهن بتخييل أن رفعة القدر بمنزلة المكان الحسى وأن المسال بمنزلة الماء الدافق ينساق إلى الرجل فيقضي منه وطره ثم يرسله إن شاء إلى بني الحاجات . فيكون القول بأن مكانة الكريم لارتفاعها جعلت المال يمر على يده ثم ينطلق بالبذل والاتفاق يستند إلى أن الماء يتجمع على ما صعد على وجه الأرض