صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/102

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۹۸ ولا يستغربونه لأنه لم يخرج بهم في صدر الإسلام عن مألوف ما اختبر وه وانتظروه ، ولكن الأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لم يعده وا قط قوة يقابلون بها السلطان الغضوب والحاكم الظلوم فلا يملك بين يديها غير الإصغاء والتسليم الأول فلم يكن ملك من ملوك بني عثمان أرهب جانبا من سليم الملقب بالعبوس ، ولم يكن أسرع منه إلى القتل والنفي والتنكيل ، وحدث يوماً أنه أمر باعتقال مائة وخمسين من أمناء الخزائن بغير حجة قائمة وعلم المفتى علاء الدين الجمالي بأمره فنهض لساعته إلى ديوان السلطان ، وكان حضور المفتى إليه أمراً نادراً غير مألوف في ذلك الزمان ، فاضطرب الوزراء وعلموا أن خطباً جللا قد جاء به في ذلك اليوم على غير العادة . فسألوه فطلب لقاء السلطان ، وما هي إلا لحظة حتى جاءه الإذن وحده بالدخول إلى الحضرة السلطانية G قال المفتى : قد سمعت أنك أمرت بقتل مائة وخمسين رجلا ً لا يجوز قتلهم شرعاً فعليك بالعفو عنهم . فظهر الغضب على وجه السلطان وقال له محتدا : إنك تتعرض لاحكم وليس ذلك من عملك قال المفتي : كلا ! إنما أتعرض لأمر آخرتك وهذا من عملى ، فإن عفوت نجوت ، وإن أبيت حل بك عقاب الله . فهدأ الجبار وتطامنت نفسه ، ولم يخرج المفتى من حضرته حتى كان الأمر السلطاني بالعفو عنهم قد صدر ومعه أمر بإعادتهم إلى