صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/124

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۲۰ أنه وضع ساعة ، لأنه لم يزل مهدداً بالغارة والانتقاض منذ دعوته الأولى إلى قيام دولته بين أعدائها ، فعذره في الحيطة والحذر غير مجهول أو لنزول الأجانب في أرضه أو مقامهم في ظل حكومته قيوداً من قبيل هذه القيود المصطلح عليها في الزمن الأخير لكنه استغنى عن جميع هذه القيود حيث أمكن الاستغناء عنها ، وبالغ في احترام الحوزة ولو كان أصحابها غير مأمونين بين ديار المسلمين وديار أعدائهم ، فمن ذاك أن مدينة يقال لها « عربسوس » كانت على تخوم الدولة بينها وبين بلاد الروم ، وكان أهلها كما قال عمير بن سعد أن ا في شكواه منها إلى الفاروق : « يخبرون عدونا بعوراتنا ولا يظهروننا على عورات عدونا ، ولهم علينا عهد فلم يجسر عير على إيذائهم قبل يرجع في أمرهم إلى الخليفة ، ولم يعجل الخليفة بالنقمة منهم حتى يبسط لهم المعذرة وسبيل الرحلة ، فقال لعمير : « إذا قدمت فخيرهم تعطيهم مكان كل شاة شاتين ، ومكان كل بقرة بقرتين ، ومكان كل شيء شيئين ، فإن رضوا فأعطهم إياه وأجلهم ... فإن أبوا فانبذ إليهم وأجلهم سنة ثم اخر بها » . والمشهور عن نظام الحكومة الإسلامية أن الذميين والمعاهدين لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ، وأن الدولة تقاتل عنهم كما تقاتل عن جميع رعاياها ، وأنها لا تستبيح عقوبتهم بالحدود الإسلامية فيما لا يحرمونه ولا يعاقبون أنفسهم عليه، وأنهم لا يدعون إلى القضاء في أيام أعيادهم ، لقوله عليه السلام : « أنتم ود عليكم خاصة ألا تعدوا في السبت » . t