صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/131

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۲۷ ن وإنما يجب الجهاد حين تقف القوة في سبيل الدعوة بالحسنى فلا محل معها للإقناع ولا لحرية الاستماع ، وإنما هي القوة تدفع القوة حين تنقطع أسباب الحجة وأسباب الأمان ، ولا أمان حيث يرفض التعاهد والولاء ، بل يعلم المسلم أنه غير منهى عن البر بمن لا يقاتلون في الدين : « لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين » قلنا في هذا المعنى من كتاب عبقرية محمد : « إن الإسلام إنما يعاب عليه أن يحارب بالسيف فكرة يمكن أن تحارب بالبرهان والإقناع ، ولكن لا يعاب عليه أن يحارب بالسيف ساطة تقف في طريقه وتحول بينه وبين أسماء المستعدين الإصغاء إليه . لأن السلطة تزال بالسلطة ، ولا غنى في إخضاعها عن القوة ، ولم يكن سادة قريش أصحاب فكرة يعارضون بها العقيدة الإسلامية ، وإنما كانوا أصحاب سيادة موروثة وتقاليد لازمة لحفظ تلك السيادة في الأبناء بعد الآباء وفى الأعقاب بعد الأسلاف . . . وكل حجتهم التي يذودون بها عن تلك التقاليد أنهم وجدوا آباءهم عليها وأن زوالها يزيل ما لهم من سطوة الحكم والجاه ، وقصد النبي بالدعوة عظماء الأمم وملوكها وأمراءها لأنهم أصحاب السلطة التي تأبى العقائد الجديدة ، وقد تبين بالتجربة أن السلطة هی التي كانت تحول دون الدعوة المحمدية وليست أفكار مفكرين ولا مذاهب علماء ، لأن امتناع المقاومة من هؤلاء الملوك والعظماء كان يمنع العوائق التي تصد الدعوة الإسلامية ، فيمتنع القتال ، ومن التجارب التي دل عليها التاريخ القديم .