صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/143

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۳۹ تسطع صفحات التاريخ بالنور وهي تروى لنا حادثة جبلة بن ملك غسان والبدوى الفزاوي الذي وطئ على إزاره كانت دولة القياصرة تحرض أمراء الغساسنة – وهم في حمايتها – على غزو الجزيرة العربية ، وكانت الجزيرة في قلق دائم من توقع هذه الغزوة بين ساعة وأخرى ، ثم بدا للأمير الغساني جبلة بن الأمهم أن ينضوى إلى أبناء قومه العرب ويتخلى عن ملكه المهدد في ظل الدولة البيزنطية الذي أوشك أن ينحسر من حوله ، فسر عمر وكتب إليه أن أقدم ولك مالنا وعليك ما علينا ، فقدم جبلة إلى الحجاز في خمسمائة فارس عليهم ثياب الوشى المنسوج بالذهب والفضة ، ولبس تاجه وفيه قرط جدته مارية ، فلم يبق بالمدينة رجل ولا امرأة ولا صبی إلا خرج ينظر إلى الموكب الفخم الذي لا عهد لهم بمثله وكان فتحاً عظما بغير عناء ، وراحة من قلق ظل يساور الدولة الناشئة عدة سنين 6 وحضر جبلة موسم الحج ، وخرج يطوف بالكعبة فوطئ على إزاره رجل من بني فزارة فحله ، وكبر الأمر على جبلة فلطم الفزاري فهشم أنفه ، وذهب الفزاري إلى الخليفة يستعديه على الأمير بعث عمر إلى المعتدى فسأله : ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك هذا فهشمت أنفه ؟ فاستمع الأمير إلى السؤال وهو يعجب ، وخطر له أنه قد ترفق بالبدوى لأنه لولا حرمة البيت ـ كما قال ـ لأخذت الذي فيه عيناه. قال عمر : إنك قد أقررت ، فإما أن ترضيه وإلا أقدته منك