صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/149

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وعن شيء آخر إنه خارج عن الطبيعة، لأنه يرجع إلى العلل الإلهية في تفسير الأشياء . أما « الطبيعيون » فليس لهم أن يقولوا عن قوة من القوى الأدبية أو المادية إنها حيلة مصطنعة أو حيلة غير طبيعية ، وكل ما يجوز لهم أن يبحثوه هو « الصورة » التي تتحقق بها الحوادث الطبيعية ، وليس لهم أن يرفضوا شيئاً لأن صورته في تخمينهم وتفكيرهم غير صورته في الواقع والعيان فإذا كانت العقائد الدينية عندهم هي الصورة التي تتحقق بها تلك القوة العالية وتلك الثقة المكينة فليس ذلك سبباً لرفض العقائد والخروج بها من حيز التفكير والتعليل ، فهكذا يقال عن صورة المشاهد الحسية التي يعتبرونها أساساً للعلوم والصناعات ، ولكنهم لا يبطلون العلوم والصناعات لأنها تقوم على ذلك الأساس كل شيء ننظره بأعيننا يصطبغ بلون من الألوان ، وليست هذه الألوان إلا الصورة التي تتمثل بها حركات الشعاع أو ذبذبة الضوء ، ويعلم « الطبيعيون » ذلك فلا يبطلون الرؤية بالعين ولا يبطلون العلوم والصناعات التي تقوم على أساس هذه الرؤية ، ولكنهم يقولون بأنها غاية ما تدركه العقول بوسائل الحس الإنساني والبديهة الإنسانية وكل عاطفة من عواطفنا لها باعث ولها وجهة توافق ذلك الباعث أو تخالفه على حسب الأحوال . فالفتاة الرحيمة التي تجلس عند سرير المريض الغريب عنها لتواسيه وتصبر على السهر والألم في مواساته إنما تصدر عن باعث من رحمة الأمومة المركبة في طبيعتها ، ولا يقدح