صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/158

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

١٥٤ الرأي الذي ألم به الغزالي وعلل فيه وجود الحكومة بالحاجة ی الحكومة هو إلى الأمن وكف العدوان من بعض الناس على بعض ، إلا أن ابن سينا يرى أن اختلاف الناس هو سر بقائهم وانتظام عمرانهم ، ويقول من رسالة لطيفة في السياسة : إن الله «من عليهم بفضل رحمته مننّا مستأنفاً بأن جعلهم في عقولهم وآرائهم متفاضلين كما جعلهم في أملاكهم ومنازلهم ورتبهم متفاوتين ، لما في استواء أحوالهم وتقارب أقدارهم من الفساد الداعي إلى فنائهم، ولما يلقى بينهم من التنافس والتحاسد ويثير من التباغي والتظالم ، فقد علم ذوو العقول أن الناس لو كانوا جميعاً ملوكاً لتفانوا عن آخرهم ، ولو كانوا كلهم سوقة لهلكوا عياناً بأسرهم كما أنهم لو استووا في الغني لما مهن أحد لأحد ولا رفد حميم حميماً ، ولو استووا في الفقر لماتوا ضرا وهلكوا بؤساً . فلما كان التحاسد من طباعهم والتباهي من وفي أصل جوهرهم كان اختلاف أقدارهم وتفاوت أحوالهم سوس سبب بقائهم وعلة لقناعتهم ، فذو المال الغفل من العقل العطل من الأدب المدرك حظه من الدنيا بأهون سعى ؛ إذا تأمل حال العاقل المحروم وأكدار الحول القلب ، ظن بل أيقن أن المال الذي وجده مغير من العقل الذي عدمه ، وذو الأدب المعدم إذا تفقد حال المثرى الجاهل لم يشك في أنه فضل عليه وقدم دونه وذو الصناعة التي تعود عليه بما يمسك رمقه لا يغبط ذا السلطان العريض ولا ذا الملك المديد . . . » ونظر ابن سينا في أرجوزته في الطب إلى اختلاف أحوال الأمم 6