صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/160

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

156 فإذا كان الدين بالنبوة أو الولاية كان الوازع لهم من أنفسهم وذهب خلق الكبر والمنافسة منهم فسهل انقيادهم واجتماعهم وذلك بما يشملهم من الدين المذهب للغلظة والأنفة الوازع عن التحاسد والتنافس ، فإذا كان فيهم النبي أو الوالي الذي يبعثهم على القيام بأمر الله ويذهب و C عنهم مذمومات الأخلاق ويأخذهم بمجهودها ويؤلف كلمتهم لإظهار الحق تم اجتماعهم وحصل لهم التغلب والملك ، ذلك أسرع الناس قبولا ً للحق والهدى لسلامة طباعهم من عوج الملكات وبراءتها من ذميم الأخلاق ، إلا ما كان من خلق التوحش القريب المعاناة المتهيئ لقبول الخير ببقائه على الفطرة الأولى وبعده عما ينطبع في النفوس من قبيح العوائد وسوء الملكات .... ولا تعارض بين مذهب ابن خلدون في اعتماد الملك على الغلبة بالعصبية وبين قيام الملك على مبادئ الحرية أو مبادئ الديمقراطية بإلهام من العقيدة الروحية والآداب الدينية ، فإن إقامة الأحكام على المساواة تحتاج إلى الغلبة بل هي أحوج إليها من إقامة الأحكام على التفاوت ، لأن المساواة تكف كثيراً من الأقوياء وتحرس كثيراً من الضعفاء ، وليس الحكم على التفاوت والحور بمحتاج إلى كل هذه الحيطة وكل هذا القمع لمن يستطيع الطمع والاعتداء وفيما عدا هذه الآراء التي تعلل قيام الملك والحكومة يدور كلام ابن خلدون على المسائل العمرانية وما بين المجتمعات البشرية من وجوه الشبه ووجوه الاختلاف ، وعنده أن تشابه الأمم أكثر اختلافها من