صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/52

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

حكومة الكون قط عقيدة الإنسان ميزان أخلاقه وعنوان آرائه في الحق والعدل والمعاملة المثلى والحكومة الصالحة ، ولم نعهد في أمة أنها ارتقت بالمثل الأعلى في العدل والصلاح إلى طبقة أعلى مما تعتقده في الرب الذي تعبده وتأخذ نفسها بإطاعة أمره وانتظار رضوانه ، وقد اطردت هذه الظاهرة من العصور الفطرية الأولى إلى العصر الأخير الذي بلغت فيه حضارة الإنسان غاية مداها ، فلما كان الإنسان مؤمناً بالعفاريت والأشباح يعبدها ويطلب رضاها ويتشفع إليها بالذبائح والقرابين كانت معيشته بين عشيرته والغرباء عنه معيشة العفريت الذي يتمرد تارة ويراض على الهدوء تارة أخرى ، وكان يحسب عمل العفريت الذي يسطو على الناس أو يتسلل إليهم شيئاً طبيعيئًا لا غرابة فيه ولا ملامة عليه ، بل كل ما هنالك أنه يدفع بالتعاويذ والرقى ويتقى بوساطة السحرة والكهنة وشفاعة الرشوة والهدية وقد سجل الباحثون في طبائع البشر هذه الظاهرة وظنوا أنهم وقفوا منها موقف المراقب الذي لا يخضع لحكمها ، ولكننا إذا نظرنا إلى آراء الفلاسفة الذين يضرب بهم المثل في قوة التفكير والخلاص A