صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/122

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

المطالب، فما إن ترددت حكومة ثيودوسيوس في القبول، حتى عبر أتيلا الدانوب بمجموعه في السنة ٤٤١ واحتل قسمًا كبيرًا من شمالي البلقان، فاضطر ثيودوسيوس أن يُجيب سؤل أتيلا، وأن يعقد معه صلحًا في السنة ٤٤٣، فيدفع أربعة آلاف دينار متأخر، وألفين ومائة دينار مالًا سنويًّا. وبقيت تحرِّك أتيلا مطامعُهُ، فقتل أخاه بليدة واستأثر بالسلطة، ثم لم يَطُلِ الوقت، حتى غشيت جموعه البلقان، ووصلت طلائعُهُم إلى ثرموبولي، وهددوا القسطنطينية، وعادت حكومةُ ثيودوسيوس إلى المفاوضة، فأرسلت لهذه الغاية وفدًا مِنْ كِبَار الرجال، بينهم المؤرخ بريسكوس، ونجح الوفدُ فانسحب أتيلا عَبْرَ الدانوب في السنة ٤٤٩، وقد تَمَّ الاتفاقُ بينه وبين حكومة القسطنطينية على مالٍ يُؤَدَّى له كل سنة، واتجهت أنظارُ أتيلا شطر الغرب1.

انشقاقٌ في الكنيسة: ولَمَّا أصبحت النصرانيةُ دين الدولة عَظُمَ شأنُ الأساقفة والبطاركة، واشتد التزاحمُ على الكراسي في الكنيسة، فكان يظفر بها في بعض الأحيان مَن لم تكتمل فيه جميعُ المؤهلات الروحية، واشتدت المناظرةُ بين البطاركة ورؤساء الأساقفة والأساقفة، فأدت في بعض الأحيان إلى التنافُر والتخاصُم، وظهرت الرهبانية وازداد عددُ الرهبان وتدخلوا في هذه المناظرات والمشادات، فأدخلوا فيها حماسة عمياء وكيدًا عظيمًا، وتَقَلَّصَ ظِلُّ الوثنيةِ وانتشر ظِلُّ النصرانية، فاشتركت الغوغاءُ في هذه المخاصمات، وتدخل فيها جمهورُ السِّفلةِ بهياجهم وضجيجهم وخرافاتهم وخزعبلاتهم.

بطريرك القسطنطينية وبطريرك الإسكندرية: وكان ثيوفيلوس

  1. Diehl et Marçais, Monde Oriental, 14–18.
    وفيه مقتطفاتٌ طويلةٌ من كلام المؤرخ المعاصر بريسكوس Priscos.
١٢١