صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/250

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

يشن منها هجوما جديداً على العرب المسلمين اجدى من البقاء في الشام . ولذا تراجع عن فلسطين وذهب الى مصر . وكانت مصر ايضاً القاعدة التي انطلقت منها حملة قسطنطين ابن هرقل على انطاكية . وكان البحر لا يزال في ابدي الروم يمدون منه قيصرية فلسطين بالمؤن والذخائر والرجال. وكانت قيصرية لا تزال صامدة في وجه عمرو ابن العاص . فهي لم تسقط في ايدي العرب المسلمين قبل السنة ٦٤٠ . وكانت مصر تطل على الحجاز ، على مكة والمدينة. وقد ينطلق الروم منها إلى الحجاز مباشرة فيصيبون الحركة الاسلامية في منابعها الرئية . وكانت مصر ايضاً لا تزال اهراة القسطنطينية ومركز تموينها. وجاء في كتاب فتح مصر لابن عبد الحكم ان عمرو ابن العاص كتب الى عمر يقول : إن" فتحتها كانت قوة للمسلمين وعوناً لهم، وهي اكثر الارض أموالاً". ولا بد من ان يكون قد شارك عمرو في رأيه هذا رجال الثروة والمال في مكة . فطبيعي ان يكون هؤلاء قد لمسوا عظمة التجارة بين الشرق والغرب ، تلك التجارة التي كانت تمر عبر مصر ولبنان وسورية ، وبعضها كان عمر بين ايدي الاثرياء المكيين قادماً من الجنوب ليبلغ الى ساحل مصر وفلسطين، وليس من المستبعد ان يكون عمرو ابن العاص ، وعثمان ابن عفان ، والمغيرة ابن شعبة ، وغيرهم من تجار مكة قد زاروا مصر قبل الاسلام، وشاهدوا بأم العين اتساع الحركة التجارية فيها كما جاة في اخبار ابن عبد الحكم واخبار السيوطي". ويرى المتشرق المستعرب فيات Wiet ان مدينة فقط في الصعيد كانت قد اصبحت نصف عربية De Goeje, Mémoire, op. cit., 167. حسن المحاضرة ، ج ۱، ص ۹۲ و ۹۹ . ٢٤٩