صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/42

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

رومة بين السنة ٥٥ والسنة ٦٠ وذلك كما سمعها من فم بطرس بدون زيادة ولا نقصان. ويقول القديس بابياس ان مرقس كتب جميع ما تذكّره، ولكن ليس بالترتيب الذي اتبعه السيد في اعماله واقواله. فبطرس الرسول تكلم بحسب ما دعت اليه الحاجة ودونما تقيد بتسلسل الاحداث.

وفي السنة ٦٤ بعد الميلاد ساد الاوساط المسيحية الموجهة شعور بالحاجة الى سيرة مرتبة منظمة، مكتوبة بلغة واضحة مضبوطة، وباسلوب رائق جذاب، يستهوي العقول، وينشط الهمم. وكان بينهم رجل عالم ولد في انطاكية، ونشأَ فيها، وتعلم الطب وعمل به، فأشاروا عليه بالامر. فاطلع على ما كتبه متّى ومرقس، وسمع وتحرّى. ولعله اتصل بالسيدة نفسها واخذ عنها. وكان قد رافق بولس في رحلاته وفهم منه اشياء واشياء، فجاءَ انجليه تاريخاً رسمياً، واثراً ادبياً. هو لوقا الطبيب الذي اشار اليه بولس في رسائله مراراً. وكان قد جاءَ رومة بصحبة معلمه فرأى هذا ان توجه الكلمة الى الاوساط العالية في رومة وان تحبب اليها. فظهر هذا الانجيل بحلته القشيبة بين السنة ٦٤ والسنة ٧٠ بعد الميلاد. ومن هنا في الارجح قول القديس ايريناوس ان انجيل لوقا هو انجيل بولس. ويرى رجال الاختصاص علاقة وثيقة بين هذا الانجيل وبين سفر اعمال الرسل من حيث جوهر الرسالة واللغة والاسلوب، فينسبون سفر الاعمال ايضاً الى لوقا الطبيب. ولما كانت اخباره تنتهي عند السنة ٦٣ الى ٦٤ فأنهم يرون انه كتب في هذا الوقت نفسه.

ومن آثار هؤلاء المسيحيين الاولين رسائل بولس الرسول الى اهل رومية وكورنثوس وغلاطية وافسس وفيليبّي وكولوسي وثيسالونيكية ثم رسائله الى تيموثاوس وتيطس وفيليمون. وجميعها دوّن ما بين السنة ٥٢ والسنة ٦٦ بعد الميلاد. وفيها الشيء الكثير من شرح رسالة السيد وتفصيل العقيدة. فاما الرسالة الى العبرانيين فقد تكون له وقد لا تكون. ومن

٤١