صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/10

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
(د)
التعريف بالكتاب ومؤلفه

ليكون من ذلك سبيل إلى تحصيل المسك ، وإلى الإجادة في في المنظوم والمنشور على أساليب العرب ومناحيهم ؛ وإذ كان ابن عبد ربه لم يقصد من كتابه إلى أكثر من هذا المعنى ، فقد كان ذلك مه جه في تصنيف كتابه والحشد له والتفنن فيما ينقل و يختار من أشعار العرب وأخبارها ، ومن أطراف كل علم وطرائفه .

ولقد وفق ابن عبد ربه فيما جمع لكتابه من فنون الأخبار ، ورته العناية رعاية هيأت لكتابه الخلود والذكر ، فان كثيرآ ما اجتمع له في هذا الكتاب قد عصفت الأيام مصادره الأولى قدرت آثارها وضاعت فيما ضاع من تراث المكتبة العربية وآثار الكتاب العرب ، وبقي العقد خلقا منها لاغناء عنه ولا بديل منه ، يرجع إليه الأديب والمؤرخ واللغوي والنحوي و العروضی و صاحب الأخبار والقصص ، فيجد كل طلبته وغرضه ، ولا يستغني عنه غير هؤلاء من طلاب النوادر والطرف في باب الطعام والشراب والغناء والنساء والحرب والسياسة والاجتماع و مجالس الأمراء ومحاورات الرؤساء ، وغير ذلك مما لا يستوعبه الحصر ولا يبلغه الإحصاء .

على أن ابن عبدربه لم ينظر فيها جميع لكتابه من الفنون نظر المختص ، بحيث يختار مايختار لكل فرع من فروع المعرفة بعد نقد و تمحيص واختيار فلا يقع منه في باب من أبواب الفن إلا ما يجتمع عليه صواب الرأي عند أهله ، لا ، ولكنه نظر إلى جملة ما جمع أظر الأديب الذي يروي النادرة لحلاوة موقعها لا لصحة الرأي فيها ، ويختار الخبر تمام معناه لا لصواب موقعه عند أهل الرأي و النظر والاختصاص ؛ انظر إليه فيها روي من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مثلا ، نجد الصحيح والمردود والضعف والمتواتر والموضوع واقرأ له مانقل من حوادث التاريخ وأخبار الأمم والملوك ، تجد منه ماترف وماكر وما تصدق وما تكذب ، وما يتناقض آخره وأوله ، ولم يكن ابن عبد ربه من الغفلة بحيث يجوز عليه ما لا يجوز ، ولكنه جامع أخبار و مؤلف نوادر ، جمع ماجمع وألف ما ألف ، ولكل ناظر في الكتاب بعد ما يأخذ وما يدع ؛ ذلك كان شأنه وشأن المؤلفين في هذا