صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/11

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
(هـ)
التعريف بالكتاب ومؤلفه

الفن من قبله ومن بعده ، على حدود متعارفة بينهم ورسوم موضوعة . على أن ذلك لا يعي أن ما جمع من مثل تلك الأحاديث وهذه الأخبار ليس له مغزاه عند أهل الاختصاص و الفن ، ولكنها أشياء للاستدلال لا للدليل ، كما يقول أصحاب المنطق . قالب:... ذلك هو موجز الرأي في التعريف بهذا الكتاب وقيمته فيما عرض له من أبواب العلم والأدب ؛ وفي علينا أن نعرف المصادر التي استند إليها ابن عبد ربه من الكتب والرواة . يقول ابن عبد ربه في مقدمته : « وقد ألفت هذا الكتاب ، وتخيرت جواهره من متخير جواهر الأدب و محصول جوامع البيان ، فكان جوهر الجوهر ولباب اللباب ، وإن مالى فيه هو تأليف الاختيار ، و حسن الاختصار ، و فرش لدرر كل كتاب ؛ وما سواه فأخوذ من أفواه العلماء ، و مأنور عن الحكم. والأداء ...

وهذا الذي يقوله المؤلف في وصف كتابه ، بدعونا إلى السؤال : من أين أختار ابن عبد ربه مختار انه ؟ وماهي مصادره الأولى؟... انظر إليه تجده بروی عن الشيباني والمدائی ، والأصمعي ، وأبي عبيدة ، والعتبي ، والشعي ، والسجستاني ، والجاحظ ، وابن قتية ، والميرد ، والرباشی ، والزبادي ، وابن سلام ، و این الکلی ، وغيرهم من علماء المشارقة ، وعن الحشى ، وابن وضاح ، و بقی بن مخلد ، من علماء الأندلس ؛ فأي هؤلاء لتي ابن عبد ربه فأخذ عنهم شفة إلى شفة ، و أيهم نقل إليه من أخباره راوية عن راوية ؟ ...

لم يعرض أحد من ترجموا لابن عبد ربه - للحديث عن رحلة له إلى المشرق - إلا فروض نظرية استنبطها بعض المتأخرين الدلائل يستند إليها في كتاب = العقد، ولا نراها تصلح للاستدلال ؛ فلم يبق إلا أن صاحب العقد قد روى من أخبار المشارقة ما نقل إليه حيث هو في مقامه من قرطبة ، ولم يعبر البحر ولم يركب الصحراء ، وقد كان من شيوخ ابن عبد ربه في الأندلس كما ستذكره بعد : الخشی ، ویقی بن مخلد ، وابن وضاح ، وللأولين مهم رحلة إلى المشرق ورواية .

على أن كثير من كتب الشارقة و علومهم كانت ذائعة بالأندلس لعهد ابن عبد ربه ،