صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/112

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الجزء الأول


أم يخدعه عنها المنهي ذلك إليه ؟ وانظروا إلى الغني في أي صنف هو من رعیته ، أيمن اشتد أتفه وقل شرهه ، أم فيمن قل أنفه واشنت شرهه ؟ وانظروا في أي صنف من رعيته القوام بأمره ؟ أفيمن نظر ليومه وغده ، أم من شغله يومه غده ؟ فإن قيل له : لا تخدع عن أخباره ، والغنى فيمن قل شرهه واشتد أنفه ، والقوام بأمره من نظر ليومه و غده ، قال : اشتغلوا عنه بغيره . وإن قيل له ضده ذلك قال : نار كامنة تنتظر و قدا، وأضنان منهلة تنتظر خرجا ، اقصدوا له ، فلا حين أخي من سلامة مع تضيع ، ولا عدو أغلى من أمن أدى إلى اغترار .

وقيعة ملك الهياطلة بيزدجرد

كانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل باخ، ثم نزلت بابل ، ثم نزل أردشير بن بابك فارس ، فصارت دار مملكتهم ، وصار خراسان ملوك الهيادلة ، وهم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس ، وكان غزاهم ؛ فتاده ملك الهيادلة بأن عمد إلى رجل ممن عرفه بالمكايدة وحسن الإدارة ، فأظهر السخط عليه وأوقع به على أعين الناس توقيعا قبيحة ونكل به تنكيلا شديدا . ثم أرسله وقد واطأه على أمر أبطنه وه وظاهره عليهه خرج حتى أتي فيروز في طريقه ، فأظهر النزوع إليه والآستئصار به هن عظيم ما ناله . فلما رأى فيرور ما به من التوقيع والنكاية فيه ، ويق به و آستنام إليه . فقال : أنا أدلك أيها الملك على غرة القوم وعورتهم وأغلبك مكان غفلتهم . فلك به سيل مهلكة ماشة ، ثم خرج إليه ولك الحيادلة فأمره وأكثر أصحابه ، فسألهم أن يمنوا عليه وعلى من معه ، وأعطاهم موثقة لا يغزوهم أبدا ، ونصب لهم حجرا جعله حدا بينه و بينهم ، وحلف لهم ألا يجاوزه هو ولا جنوده ، وأشهد الله عليه وعلى من حضر من قرابته و أساورته ؛ فوا عليه وأطلقوه ومن معه. فلا عاد إلى مملكته أخذته الأنقة ما أصابه ، فعاد إلى غزوهم باكا لعوده قادر بذهنه ، إلا أنه تأهم في ذلك بحيلة لها تجزئة في أيمانه ، قول الحجر الذي أصبه لهم على فيل في مقدمة عسكره ، و تأول في ذلك أنه لا يجاوزه . فلا صار إليهم ناشدوه الله، وذگر وه الايمان به ، وما جعل على نفسه من عهده وذمته ، فأبى إلا لجاجة ونكنا . نواقعوه فظفروا به فقتلوه وقتلواحاته واستباحوا عسكره .