صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/155

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

من العقد الفريد ۱۳۳ G O ۱۰ بالحيل ، ويفرق كلمة عدوه بالمكايدة ، أحكم عملا وألطف نظر وأحسن سياسة من الذي لا ينال ذلك إلا بالقتال ، والإتلاف للأموال ، والتحرير والخطار . وليعلم المهدي - وفقه الله - أنه إن وجه لقتالهم رجلا، لم يسئ لقتالهم إلا بجنود كثيفة تخرج على حال شديدة ، وتقدم على أسفار ضيقة ، وأهوال متفرقه ، وقواد ششة ، إن ائتمنهم استنفدوا ماله ، وإن استنصحهم كانوا عليه لا له . قال المهدي : هذا رأى قد أسفر نوره، و برق ضوؤه، وتمثل صوابه للعيون، وتجسد حقه في القلوب ، ولكن فوق كل ذي علم عليم . ثم نظر إلى أنه على فقال : ما تقول ؟ قال علي : أيها المهدی ، إن أهل خراسان لم يخلعوا من طاعتك يدا ، ولم ينصبوا من دونك أحدا یکدح في تغيير ملاك ، ويربض الأمور لفساد دولتك ؛ ولو فعلوا لمكان الخطب أيسر ، والشأن أصفر ، والحال أذل ؛ لأن الله الذي لا يخذله ، وعند موعده الذي لا يخلفه ؛ ولكنهم قوم من رعیتك ، وطائفة من شيعتك ، الذين جعلك الله عليهم واليا ، وجعل العدل بينك وبينهم حاكما ، البوا حقا ، وسألوا إنصافا ؛ فإن أجبت إلى دعوتهم ، ونفست عنهم قبل أن تتلاحم منهم حال ، أو يحدث من عندهم فتق ، أطعت أمر الرب ، وأطفأت نائرة الحرب ، ووفرت خزائن المال، وطرحت تغرير القتال ؛ وكل الناس تحمل ذلك على طبيعة جودك وسجية حلمك ، وإنجاح خليقتك ، ومعدلة نظرك ؛ فأمنت أن تنسب إلى ضفة ، وأن يكون ذلك لهم فيما بقي درية . وإن منعتهم ما طلبوا ، ولم تجبهم إلى ما سألوا ، اعتدلت بك وبهم الحال ، وساوم في ميدان الخطاب . فما أرب المهدي أن يعمد إلى طائفة من رعیته : مقرين بمملكته مذعنين لطاعته ، لا يخرجون أنفسهم عن قدرته ، ولا يرثونها من عبوديته ، ملكهم أنفسهم ، ويخلع نفسه عنهم ، و يقف على الجدل معهم ، ثم باز هم السوء في جد المقارعة ، ومضار المخاطرة : أريد المهدی - وفقه الله - الأموال ؟ jo 96 ۲۰ (۱) في الأصل : ألطف منظرا .