صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/16

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
(ي)
التعريف بالكتاب ومؤلفه

كثير مما أراد ، وأقام عرشا لبني أمية في الأندلس يتوارثه بنوه سيدا عن سيد ، كلهم يحرص على النهوض دولته إلى المنزلة التي يجعلها تناظر بغداد ، فمن ذلك كانت المنافسة بين الدولتين في الشرق والغرب دائبة لاني ، وكانت الوفود لاتغتأ ساعية بين الحاضر تین ، فلا يظهر جديد في بغداد حتی یکون أؤه في فرطة ، ولا ينجم نجم في قرطبة حتى يذيع خبره في بغداد ، واخذت المنافسة بين الدولتين مظهرة عالميا يبدو أثره فيما كان من اهتمام المغاربة بالرحلة إلى الشرق التزود من معارفه ، وفيما كان من تطلع المشارقة إلى الأندلس ليعرفوا كل جديد من خبره وما أحدث علماؤه وأدباؤه في مختلف فروع المعرفة . على أن المغاربة مع ما كان فيهم من اعتداد بأنهم وعصبية لبلادهم لم یکن منکور آ لديهم أن عالم العربية في المشرق كله ، منه نشأ وفيه ماورها ، فكانت إليه أنظارهم ، وإليه حجهم وقبلتهم ، ولایم تمام العالم منهم - عند الرؤساء وعند العامة - إلا أن يكون عليه مشرقيا.

وكما نشاهد في مصر لعهدنا من يزيد في الفضل بكثرة ماروی من علم الأوربين وما يقص من مشاهداته لديهم ومايروى من أخبارهم - كان هنالك في ذلك العهد .......

... وفي ذلك العهد كان ابن عبد ربه ، وكأني به وقد رأى المنزلة التي ينزلها علماء المشارقة من نفوس قومه ، والمكان المرموق الذي تحتله مؤلفاتهم وكتبهم ؛ حتى كان شأن ابن قتيبة وكنبه عندهم ما قدمنا كأني به وقد رأى ذلك ، فدبر أمرآ ، وأحكم خط واتخذ طريقة ؛ ثم خرج على الناس بكتابه يقول : ها أنا ذا ، وها هم أولا. !

وكان علماء الأندلس برحلون إلى المشرق ، فرحل المشرق إلى الأندلس في کتاب ابن عبد ربه ...!

ذلك وجه الرأي فيما أحسب لاقتصار کتاب ابن عبد ربه على أخبار المشارقة الأقليلا منه ، لا أرى لذلك وجها سواه .

ورحل كتاب ابن عبد ربه إلى المشرق تسبقه شهرته ، ووقع في يد الصاحب بن عباد فأقبل عليه مشوقا ملهوفا يلتمس فيه علم مالم يعلم ، فما هو إلا أن نظر فيه حتى طواه وهو يقول