صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/25

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٣
مقدمة


وقال ابن سيرين: العلم أكثر من أن يحاط به فخذوا من كلّ شيء أحسنه، وفيما بين ذلك سقطات1 الرأي، وزلل القول؛ ولكلّ عالم هفوة ولكل صارم نبوة.

وفي بعض الكتب: انفرد الله تعالى بالكمال، ولم يبرأ أحد من النّقصان.

وقيل للعتّابي: هل تعلم أحدا لا عيب فيه؟ قال: إنّ الذي لا عيب فيه لا يموت أبدا، ولا سبيل إلى السّلامة من ألسنة العامّة.

وقال العتّابي: من قرض شعرا أو وضع كتابا فقد استهدف للخصوم واستشرف للألسن، إلا عند من نظر فيه بعين العدل، وحكم بغير الهوى، وقليل ما هم.

وحذفت الأسانيد من أكثر الأخبار طلبا للاستخفاف والإيجاز، وهربا من التثقيل والتّطويل؛ لأنها أخبار ممتعة وحكم ونوادر، لا ينفعها الإسناد باتّصاله، ولا يضرّها ما حذف منها. وقد كان بعضهم يحذف أسانيد الحديث من سنّة متّبعة، وشريعة مفروضة؛ فكيف لا نحذفه من نادرة شاردة، ومثل سائر، وخبر مستطرف.

سأل حفص بن غياث الأعمش عن إسناد حديث. فأخذ بحلقه وأسنده إلى حائط وقال: هذا إسناد.

وحدّث ابن السّمّاك بحديث، فقيل له: ما إسناده؟ فقال: هو من المرسلات عرفا.

وحدّث الحسن البصريّ بحديث، فقيل له: يا أبا سعيد، عمّن؟ قال: وما تصنع بعمّن يا بن أخي؟ أمّا أنت فنالتك موعظته، وقامت عليك حجّته.

وقد نظرت في بعض الكتب الموضوعة فوجدتها غير متصرّفة في فنون الأخبار، ولا جامعة لجمل الآثار؛ فجعلت هذا الكتاب كافيا جامعا لأكثر المعاني التي تجري على أفواه العامّة والخاصّة. وتدور على ألسنة الملوك والسّوقة. وحلّيت كلّ كتاب منها بشواهد من الشّعر، تجانس الاخبار في معانيها، وتوافقها في مذاهبها؛

وقرنت بها غرائب من شعري، ليعلم الناظر في كتابنا هذا أن لمغربنا على قاصيته


  1. في بعض الأصول «سقطة» وفي سائرها «سقط»