صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/47

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٥
من العقد الفريد

قالوا: ليس شيء أضر بالسلطان من صاحب يحسن القول ولا يحسن الفعل ولا خير في القول إلا مع الفعل، ولا في المال إلا مع الجود، ولا في الصدق إلا مع الوفاء، ولا في الفقه إلا مع الورع، ولا في الصدقة إلا مع حسن النية، ولا في الحياة إلا مع الصحة.

قالوا: إن السلطان إذا كان صالحا ووزراؤه وزراء سوء امتنع خيره من الناس ولم يستطع أحد أن ينتفع منه بمنفعة. وشبهوا ذلك بالماء الصافي يكون فيه التمساح، فلا يستطيع أحد أن يدخله وإن كان محتاجا إليه.


صفة الإمام العادل

كتاب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز في وصف الإمام العادل

كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما ولي الخلافة إلى الحسن بن أبي الحسن البصري أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل فكتب إليه الحسن رحمه الله:

اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كلّ مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف. والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله الرفيق بها، الذي يرتاد لها أطيب المرعى، ويذودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنّها من أذى الحرّ والقرّ. والإمام العادل يا أمير المؤمنين، كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغارا، ويعلمهم كبارا، يكتسب لهم في حياته، ويدخر لهم بعد مماته. والإمام العادل يا أمير المؤمنين، كالأمام الشفيقة البرة الرفيقة بولدها، حملته كرها ووضعته كرها، وربّته طفلا، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته وتغتم بشكايته. والإمام العادل يا أمير المؤمنين، وصيّ اليتامى، وخازن المساكين، يربّي صغيرهم، ويمون كبيرهم. والإمام العادل يا أمير المؤمنين، كالقلب بين الجوارح: تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده. والإمام العادل يا أمير المؤمنين، هو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم، وينقاد إلى الله ويقودهم. فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملّكك الله عز وجل كعبد ائتمنه سيّده واستحفظه ماله وعياله، فبدّد