صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/61

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٩
من العقد الفريد

في ذلك بالريح العاصفة التي لا تضر بما لان لها من الشجر ومال معها من الحشيش. وما استهدف لها من الدوح العظام قصفته. قال الشاعر:

إنّ الرياح إذا ما أعصفت قصفت
عيدان نبع ولا يعبأن بالرّتم1

وقال حبيب بن أوس، وهو أحسن ما قيل في السلطان:

هو السّيل إن واجهته انقدت طوعه
وتقتاده من جانبيه فيتبع

وقال آخر:

هو السّيف إن لا ينته لان متنه
وحدّاه إن خاشنته خشنان

بين معاوية وأبي الجهم

وقال معاوية لأبي الجهم العدويّ: أنا أكبر أم أنت؟ فقال: لقد أكلت في عرس أمّك يا أمير المؤمنين. قال: عند أيّ أزواجها؟ قال: عند حفص بن المغيرة. قال: يا أبا الجهم، إيّاك والسلطان، فإنه يغضب غضب الصبيّ ويأخذ أخذ الأسد.

وأبو الجهم هو القائل في معاوية:

ونغضبه لنخبر حالته
فنخبر منهما كرما ولينا
نميل على جوانبه كأنّا
نميل إذا نميل على أبينا

معاوية وعقيبة الأسدي

وقدم عقيبة الأسدي على معاوية ودفع إليه رقعة فيها هذه الأبيات:

معاوي إنّنا بشر فأسجح
فلسنا بالجبال ولا الحديد
أكلتم أرضنا فجردتموها
فهل من قائم أو من حصيد
أتطمع بالخلود إذا هلكنا
وليس لنا ولا لك من خلود
فهبنا أمة هلكت ضياعا
يزيد أميرها وأبو يزيد

فدعا به معاوية فقال: ما جرّأك عليّ؟ قال: نصحتك إذا غشوك؛ وصدقتك إذ كذبوك. فقال: ما أظنك إلا صادقا، وقضى حوائجه.

ومن حديث زياد عن مالك بن أنس قال: خطب أبو جعفر المنصور،


  1. سبقت هذه العبارة في ص ۱۳ مع تغير يسير.