صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/62

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤٠
الجزء الأول

فحمد الله وأنثى عليه ثم قال: أيها الناس، اتقوا الله. فقال إليه رجل من عرض الناس فقال: أذكرك الله الذي ذكّرتنا به يا أمير المؤمنين. فأجابه أبو جعفر بلا فكرة ولا رويّة: سمعا وطاعة لمن ذكّر بالله، وأعوذ بالله أن اذكّر به وأنساه فتأخذني العزة بالإثم ل ﴿قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ. وأما أنت، فو الله ما الله أردت بها، ولكن ليقال: قال فعوقب فصبر! وأهون بها لو كانت، وأنا أحذّركم أيها الناس أختها؛ فإن الموعظة علينا نزلت، ومنا أخذت. ثم رجع إلى موضعه من الخطبة.

الرشيد ومعترض عليه في خطبته

وقام رجل إلى هارون الرشيد وهو يخطب بمكة، فقال: ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ فأمر به فضرب مائة سوط، فكان يئنّ الليل كله ويقول: الموت! الموت. فأخبر هارون أنه رجل صالح، فأرسل إليه فاستحلّه، فأحلّه.

الوليد ومعترض عليه في خطبته

المدائني قال: جلس الوليد بن عبد الملك على المنبر يوم الجمعة حتى اصفرّت الشمس، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن الوقت لا ينتظرك، وإنّ الرب لا يعذرك. قال: صدقت، ومن قال مثل مقالتك فلا ينبغي له أن يقوم مثل مقامك. من ها هنا من أقرب الحرس يقوم إليه فيضرب عنقه؟

مخاطر بين معاوية وزياد

الرياشيّ عن الأصمعي قال: خاطر رجل رجلا أن يقوم إلى معاوية إذا سجد فيضع يده على كفله ويقول: سبحان الله يا أمير المؤمنين! ما أشبه عجيزتك بعجيزة أمّك هند! ففعل ذلك. فلما انفتل معاوية عن صلاته قال:

يا بن أخي، إن أبا سفيان كان إلى ذلك منها أميل؛ فخذ ما جعلوا لك. فأخذه.

ثم خاطر أيضا أن يقوم إلى زياد وهو في الخطبة فيقول له: أيها الأمير، من أبوك؟ ففعل. فقال له زياد: هذا يخبرك- وأشار إلى صاحب الشّرطة- فقدّمه فضرب عنقه. فلما بلغ ذلك معاوية قال: ما قتله غيري، ولو أدبته على الأولى ما عاد إلى الثانية.

ابن العاص ومخاطر سأله عن أمه

وخاطر رجل أن يقوم إلى عمرو بن العاص وهو في الخطبة فيقول: أيها الأمير، من أمك؟ ففعل. فقال له: النابغة بنت عبد الله، أصابتها رماح العرب فبيعت