صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/65

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤٢
من العقد الفريد

مقال الاصمعي: ابن أبي ذئب، من بني عامر بن لؤي، من أنفسهم.

المأمون والحارث بن مسكين

قال: ودخل الحارث بن مسكين على المأمون فسأله عن مسألة فقال: أقول فيها كما قال مالك بن أنس لأبيك هارون الرشيد، وذكر قوله فلم يعجب المأمون. فقال: لقد تيّست فيها وتيّس مالك. قال الحارث بن مسكين: فالسامع يا أمير المؤمنين من التّيسين أتيس؛ فتغيّر وجه المأمون. وقام الحارث بن مسكين فخرج وتندّم على ما كان من قوله، فلم يستقرّ في منزله حتى أتاه رسول المأمون، فأيقن بالشر ولبس ثياب أكفانه؛ ثم أقبل حتى دخل عليه، فقرّبه المأمون من نفسه، ثم أقبل عليه بوجهه فقال له: يا هذا، إن الله قد أمر من هو خير منك بإلانة القول لمن هو شرّ مني، فقال لنبيه موسى صلّى الله عليه وسلّم إذ أرسله إلى فرعون: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى قال: يا أمير المؤمنين، أبوء بالذنب، وأستغفر الرب. قال: عفا الله عنك، انصرف إذا شئت.

المنصور وأبو سفيان الثوري

وأرسل أبو جعفر إلى سفيان الثّوريّ، فلما دخل عليه قال: عظني ابا عبد الله. قال: وما عملت فيما علمت فأعظك فيما جهلت؟ فما وجد له المنصور جوابا.

أبو النضر وعامل للخليفة

ودخل أبو النضر سالم مولي عمر بن عبد الله على عامل للخليفة، فقال له أبا النضر، إنّا تأتينا كتب من عند الخليفة فيها وفيها، ولا نجد بداّ من إنفاذها، فما ترى؟ قال له أبو النضر؛ قد أتاك كتاب من الله تعالى قبل كتاب الخليفة؛ فأيّهما اتبعت كنت من أهله.

ونظير هذا القول ما رواه الأعمش عن الشّعبيّ. أنّ زيادا كتب إلى الحكم بن عمرو الغفاريّ، وكان على الصائفة 1: إن أمير المؤمنين معاوية كتب إليّ يأمرني أن أصطفي له الصفراء والبيضاء، فلا تقسم بين الناس ذهبا ولا فضة [واقسم ما سوى ذلك2] فكتب إليه: «إني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين.


  1. الصائفة: الغزاة في الصيف،
  2. لتكملة من البيان والتدبین.