صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/70

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤٨
الجزء الأول

منكم اليأس وخفت عليكم البلاء. والله ما منعكم الله التوبة ولا أخذكم على غرّة، ولقد أمهلكم حتى ملّ الواعظ ووهن الموعوظ، وكنتم كأنما يعنى بما أنتم فيه غيركم، فأصبحتم وفي أيديكم من تكذيبي التصديق، ومن نصيحتي الندامة؛ وأصبح في يدي من هلاككم البكاء، ومن ذلّكم الجزع. وأصبح ما فات غير مردود، وما بقي غير مأمون.

للقطاميّ

وقال القطاميّ في هذا المعنى:

ومعصية الشّفيق عليك ممّا
يزيدك مرّة منه استماعا
وخير الأمر ما استقبلت منه
وليس بأن تتبّعه اتّباعا
كذاك وما رأيت الناس إلا
إلى ما جرّ غاويهم سراعا
تراهم يغمزون من استركّوا
ويجتنبون من صدق المصاعا1

وكان يقال: لا تستشر معلما ولا حائكا ولا راعي غنم ولا كثير القعود مع النساء. وأنشد في المعلمين:

وكيف يرجّى العقل والرأي عند من
يروح إلى أنثى ويغدو إلى طفل

وكان يقال: لا تشاور صاحب حاجة يريد قضاءها. وكان يقال: لا رأي لحاقن ولا حازق: وهو الذي ضغطه الخف. ولا الحاقب وهو الذي يجد رراّ في بطنه. وينشد في الرأي بعد فوته:

وعاجز الرأي مضياع لفرصته
حتى إذا فات أمر عاتب القدرا

شعر للمؤلف

ومن قولنا في هذا المعنى:

فلئن سمعت نصيحتي وعصّيتها
ما كنت أول ناصح معصيّ

لحبيب

وقال حبيب في بني تغلب عند إيقاع مالك بن طوق بهم:

لم يألكم مالك صفحا ومغفرة
لو كان ينفخ قين الحيّ في فحم

  1. المصاع: المقاتلة والمجالة بالسيف