صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/12

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

اقتربت مطالع القرن العشرين وأبناء القرن التاسع عشر يحسبون أنهم مقتربون من عصر ځامل الى عصر يشبهه في خموله، وكانوا قد عبروا الأعوام العشرة الأخيرة من القرن وهم يمرون بها مرور الملل وقلة الاكتراث: رکود لا يستغربونه لأنهم أطلقوا عليه كلمة «آخر القرن» Fin de Siècle كما تقول نحن في اللغة العربية «آخر زمن» ونفسر به كل فعل منتظر على غراره ومن معدنه: معدن الاسفاف والابتذال. فلا اكتراث له ولا غرابة فيه، لأن الشيء من معدنه لا يستغرب كما يقال ويعاد.

وليس أدل على جهل الناس بغدهم القريب من هذه الغفلة في نهاية القرن التاسع عشر عن ضخامة القرن العشرين بين قرون التاريخ القديم والحديث منذ عرف التاريخ، فلم يكن هذا القرن ينتصف حتى التفت العالم من جميع أركانه وأقطاره الى القرن الذي خيل اليه أنه بقية العكارة من أعقاب التاريخ الأخير، فإذا هو عصر العصور في حوادثه وفي مكتشفاته ومخترعاته، وفيما يتوقع بعده من جلائل الآمال. نعم، وجالاكل الأهوال.

حربان عالميتان من عشرته الثانية الى عشرته الرابعة، واقتحام للفضاء، وفتح القمقم عن مارد الطبيعة الأكبر، وهو القمقم الذي يحتويه أصغر ما فيها من ذرات لا تدركها الأبصار.

هل تعجل الإنسانية إلى النصر على الطبيعة أو تعجل إلى الدمار على يد الإنسان بما كشفه من أسرارها? وهل اقترب الإنسان حقا من