صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/224

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

تساعدنا علي محو کله وينسى هواة الطرائف العلمية أن علماء النفس لم يكشفوا الوعى الباطن ليلغوا به الوعى الظاهر ويبطلوا به عمل الحواس . لأن معرفتنا بعقولنا الخفية لا تمنعنا أن ننظر بأعيننا ونسمع بآذاننا بل الضلالة والتثبت من حقائق المنظور والمسموع . والمصورون ممن يدعون تصوير الوعى الباطن ينسون أنهم تعلموا فن الرسم والشكل ولم يتعلموا الكهانة والتنجيم ، ولو كان فتهم قائما على تحسين الظنون عن العقل الباطن لتسـاوي المصورون وغير المصورين ، وتساوى كذلك الشعراء وغير الشعراء والفنانون وغير الفنانين فيما يتعاطونه من الوصف والتعبير . اذ كان التخمين عمـلا نستطيعه جميعا ولا يتقاضانا غير الحدس والاسترسال مع الخيالات . أن يستأثر فيه صاحب وعى بما يتوهمه دون أصحاب الوعى يصح من الناظرين والفنانين . فقد يتفق عشرات الألوف في البصر والسمع ولا يتفق اثنان في الخفايا الباطنة ولو كانا أخوين أو عشيرين مـدى الحياة ، وما دام الوعي الباطن مختلطا مرتبكا غير مشهود ولا مفهوم فليس في الدنيا من يعجز عن محاكاة الاختلاط والارتباك على نحو من الأنحـاء . ومن فكاهات هذه الدعوات أن المنتحلين لها يتخطفون أطرافها على عجل ثم ينقطعون عنها ولا يعرفون ما طرأ عليها في مباحث أصحابها الأولين وروادها المبتكرين ين . فقد عدل فرويد في أيامه الأخيرة عن معالاته بدعوى الوعى الباطن أو العقل الباطن ورأى أن العبارة في تركيبها متناقضـة لا تستقيم في التفكير . فليس بالعقل شيء لا نعقله ولا بد من تعبير أصح هذا التعبير للدلالة على الفوارق بين طبقات السريرة الانسانية من أعماقها المستورة الى ظواهرها المكشوفة ، ولهذا أهمل فرويد مصطلحات ۲۳ + 6