صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/104

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۰۲ ولكنه أخذ يهدىء روعها و يطمئنها ويزيل مخاوفها ، حتى هدأت ثائرتها ، وعاودها هدوؤها ، وإن لم تسترجع طمأنينتها . وكرت الأيام على هذا المنوال ، والصداقة تزداد كل يوم وثوقاً ، وقد أخذت نظرات الفتى الراعي إلى صديقه الفارس تشع بريقاً جديداً ، ونبراته ونغماته تزداد حرارة واتقاداً ، وكثيراً ما كانا ينفردان عن الكوكبة لحظات ، فيحس كلاها شوقاً جارفا لأن يحتضن رفيقه ، وترخم نبراتهما في هذه اللحظة ، وتشع نظراتهما حنينا . ولكن لا الفتى بقادر على أن يدنو خطوة ، ولا الأميرة بقادرة على أن تكشف القناع للراعي ! . أما الفتاة فكانت تتلظى على الجمر ، وتذرف سخين الدمع ، وتغال حائرة اللب مولهة القلب ، حتى يعود إليها الفتى ، فتحاول في كل يوم محاولتها الأولى ، حتى كادت تيئس ، فركنت إلى دموعها وهمومها ، وهي تذبل في كل يوم وتذوى ودار الفلك دورته فأكمل عاماً جديداً . وعندئذ أخذ يستيقظ في خاطر الملك شبح النبوءة القديمة ، وتدب في نفسه عوامل الخوف والقلق ، و يرى في حياة الأميرة بالغابة بعيدة عن القصر الملكي خطراً قد يمهد للنبوءة ؛ ولم يعد هناك ما يدعو إلى .