صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/114

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وصلت الساحرة تيتى ومعها الفتاة الراعية ، فانتحت الساحرة جانبا ، وأوقدت النار في مجمرة صغيرة ، وألقت فيها بالبخور ، وأخذت تتلو التعاويذ ، وقد بدا على ملامحها فرح وحشى وجحظت عيناها الغائرتان ، وانتفضت جوارحها في حركات تشنجية ، والفتاة واقفة خلفها تفرك يديها في انتظار المعجزة التي ترد إليها حبيبها ، كما قالت لها الساحرة . وكانت المدينة تتهيأ من الداخل لاستقبال البطل الذي أنقذها ، واستقبال الأفراح التي تنتظرها ، وكان القصر الملكي يستعد لاستقبال المنقذ العريس . أما الأميرة فكانت قد قضت شطراً طويلا من الليل ساهرة ترتقب مطلع الصبح البهيج ، ذلك الصبح الذي تلتقى فيه يقظة الدنيا بيقظة قلبها المتفتح ، والذي يسجل دورة من دورات الفلك عادية ، ويسجل في حياتها بدء عهد سعيد . فلما امتد بها الليل ، وأوشك الفجر ، أخذتها سنة من النوم فراحت في سبات ، وانثالت الرؤى على خاطرها انثيالا ، وكلها ناعم وضيء شفيف . فلما قارب الموعد انبعثت النغمات الرقيقة ، وتسلل الأرج الذكي ، وتمشت الخطوات الهامسة في البهو خارج مخدعها، وتقدمت الوصيفة تفتح الباب لتحييها تحية