صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/27

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

۲۰

لحظه مرافقوه ، تذكر نفسه ومركزه – على الرغم من تفكره وتخفيه – فأراد أن يستر الموقف المكشوف ، فسأل سؤالا ساذجا متحيراً : أهذه أغنامك ؟

قالت الفتاة – وقد توردت وجنتاها – ! نعم هي أغنامي وأنا أرعاها لأن والدي عجوزان .

قال الفارس العاشق : وهل تسكنون قريباً من هنا ؟

قالت : إن لنا كوخاً على حافة الغابة .

فاطمأن الشاب لذلك ، ورأى أن يختم الموقف بحركة سريعة لم يتهيأ لها بتدبير أو تفكير . فألقى إلى الفتاة بصرة نقود بين يديها ولوی عنان فرسه ومضى يركضه ، والفرسان من خلفه، وهو في شبه غيبوبة ، لا يدرى له وجهة، ولا يكاد يملك جسمه على ظهر الفرس .

وأفاقت الفتاة بعد انصراف الفارس الجميل كما يفيق الحالم من حلم لذيذ، وأحست كأنما كانت غائبة عن الوجود ، ثم ها هي ذي ترد إلى مكانها الذي تعهد ، وأمامها شويهات ترعى لم تكن تحس بها أو بما حولها منذ حين . ونظرت فإذا غبار ثائر في أعقاب كوكبة من الفرسان ، فتعلق نظرها بهذه الكوكبة وارتدت إلى غيبوبتها الحالمة ، وكأنما في هذا الغبار الثائر رؤيا مجنحة تحفها