صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/29

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۲۷

قالت الشيخة : ما الذي يجيء بساسو في هذه الآونة المبكرة ؟

قال الشيخ : لابد من مكروه . لقد كنت أحس صهيل خيل في الغابة ، فلعلهم قطاع الطريق من الأعراب المتهجمين قد هجموا على الرعاة كما يفعلون .

قالت الشيخة : يا لساسو المسكينة ! ويا لخوفي عليها ! لطالما قلت لك : لا تخرج ساسو إلى الغابة بعد ما صارت في هذه السن ، فإني لأخشى عليها ما هو أشد من سلب الأغنام !

قال الشيخ : إن ساسو شجاعة فلا تخشى عليها شيئا . إنها ابنة أبيها أيتها العجوز !

قالت : ابنة أبيها أو ابنة أمها ! لن تخرج إلى الغابة مرة أخرى .

وكانت ساسو قد اقتربت تخطر وكأنها تطير، وأسار يرها تنطق بالبشر والسرور ، وأسرعت الأم تقول في لهفة – و إن يكن مظهر الفتاة قد بعث إليها بشيء من الطمأنينة – :ماذا يا ساسو ؟ وفوجئت الفتاة بهذا السؤال كأنها لم تكن تتوقعه، فاضطربت و تواردت على خاطرها أشتات من الصور ، وقفت عند صورة منها فتوردت وجنتاها ، ونكست بصرها إلى الأرض، وأجابت في حياء : لا شيء يا أماه . أحس في جسمي بفتور .