صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/33

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۳۱

ویده تحت ذقنه، وهو شارد الفكر ساهم النظرة ينظر بعينيه، ولكن خياله يمتد إلى بعيد، فقام في تثاقل واسترخي على مقعد طويل، وأطلق لخياله العنان يذهب حينا يريد.

وأطل القمر متلصصاً من النافذة في أول الأمر، ثم أعلن وجوده وأحس الملك كأنما هذا القمر يلاطفه ويؤانسه و يستدرجه للحديث، فسرى إلى نفسه الأنس به والارتياح له، وتحركت شفتاه كأنما يهم أن يفصح للقمر عما يريد.

وأحس بشوق غامر إلى أن يخرج إلى الشرفة حيث القمر هنالك يهمس بصوته المسحور، وتختلج خطواته في دبيب لطيف وما إن تجاوز باب الحجرة حتى اشتمله النور، فأحس كأنما يعانقه، فمد إليه ذراعيه في شوق شديد.

كانت الشرفة تشرف على فضاء رحيب يقوم على نهايته طرف الغابة الفسيحة، وسرعان ما امتد نظره إلى الغابة السابحة في ضوء القمر الهاديء اللين، فخيل إليه أن الفتاة الآن هناك في هدأة القمر الحالم، فأغمض عينيه وراح يدب في جوارها : يده في يدها وذراعه تطوقها، وهي تميل برأسها الصغير على كتفه فيتوقفان برهة عن السير، ثم يفتح عينه فيستيقظ و يفيق : إنه