صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/35

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۳۳

ها هي ذي تجلس على متكأ من العشب الجاف وشويهاتها أمامها ترعى في منفرج من الغابة. وها هو ذا الهواء الدافىء يداعب أغصان الأشجار الباسقة فتتمايل كالنشوان الثمل… ثم ها هي ذي تسمع صهيل الخيل وترى الغبرة الثائرة. وها هي ذي شويهاتها تجفل فترتد إليها كأنما تلوذ بها من هذا الضجيج. وهنا تقف متطلعة ، ثم تتبختر في بضع خطوات… ثم… ثم ها هو ذا الفارس الجميل… إنها لتحس الآن بوقع نظراته الساخنة تخلل جسدها كقشعريرة ، تحس بذلك الخدر اللذيذ المرتعش تحت نظراته و إنها لتتحسس في جسمها الفائر. واضع هذه النظرات فتتمطى، ثم تفتح فاها بتنهدة لذيذة ، ثم يرتد خيالها إلى الغابة فتستعرض المنظر كله من جديد.

وأطل القمر من كوة الكوخ الصغيرة ، فانتفضت من أحلامها الجميلة ، كان هذا القمر يتلصص عليها في خلوتها ، وضمت ساقيها المنفرجتين وذراعيها المتراخيتين… ولكنها ما لبثت أن أنست بهذا القمر الذي يوصوص لها من كوة الكوخ ، وودت لو تخرج من مخدعها إلى الفضاء الرحب ، إلى هذا الانفساح الحالم الفارق في ضوء القمر الشفيف… ودت لو تخرج لتنطلق في هذا الفضاء غير