صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/36

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٣٤

الحدود ، ولتجري وتركض ، بل لتحلق وتطير كهذه الفراشات البيضاء السابحة في ضوء القمر… ولكنها تسمع وسوسة الشيخين كأنما لا ينامان أبداً… وكاد صدرها يضيق بهما و بيقظتهما لك في هذا الأوان… ولكنها كانت في شغل عن الشيخين ؛ ولم تكن أحاسيسها لتستقر لحظة على فكرة معينة؛ فعادت تحلم حلم اليقظان من جديد ، وتستعرض نظرات الفارس من جديد، وتنتظر الصبح في شوق جارف، فالصبح هو الذي يطلقها من حدود هذا الكوخ ! ولم تدر كيف تسلل الناس إلى مخدعها برفق ، فأغمض بأنامله الرفيقة جفونها الساهرة ، ثم تسلل مرة أخرى وتركها للأحلام اللذيذة ، وعلى شفتيها ابتسامة وضيئة ، تشيع في محياها الجميل. وفى الصباح كان أمر الملك قد أعلن في القصر ، وكان حور يتبع مولاه منفرداً كالكلاب الأمين… يتبعه في صمت مطبق ، فالملك لا يعلن وجهته ولا ينطق بكلمة واحدة تهدى إلى اتجاهه. ولكن ها هو ذا يلوى عنان الفرس إلى الغابة ، فيحدس الحارس عما يريد ، ويتذكر حوادث الأمس ، ويستعرضها واحدة واحدة ، ويطيل الوقوف عند منظر الملك الشاب بحادث الفتاة الراعية… ولكن ماذا ؟ إن المعدات لتتخذ لزفاف الملك