صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/40

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

۳۸

القليل الذي يحويه… وها هما ذان يوقظان ساسو في عجلة. فإن هنالك لأمراً..

وربعت الفتاة وتوجست في نفسها شرا.

– احلى يا ساسو هذا الحمل فإنه نصيبك !

– ولكن إلى أين يا أماه والدنيا لم تزل في الظلام ؟

– إلى أين ؟ ليس هذا من شئون الفتيات. إننا راحلون ياساسو، راحلون وكفى ! راحلون إلى الشمال، فما عاد لنا عيش في هذه البقعة من الأرض بعد أن كان بالأمس ما كان !!!

وغصت الفتاة بريقها، ودارت بها الأرض، واختنقت في فيها الكلمات. ولكنها انحنت على الحمل فرفعته، كما انحنى الشيخ والشيخة على حمليهما… وانطلق الثلاثة في غبش الفجر، وأمامهم الشويهات !.. إلى الشمال.

ولما كان الوالد خبيراً بالدروب والمسالك منذ رحلته الأولى إلى الجنوب، فقد تنكب الطريق لمسلوك، حذراً، وحيطة، إلى مسالك أخرى لا يمر بها إلا الخبراء !.

وسار الركب الطليح : الشيخ الماني والعجوز المعروقة يدبان على الأرض كالمال، والشويهات يطول عليها السرى وتشتد