صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/41

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۳۹

عليها الهاجرة فتهزل وتضعف عن المسير ، وساسو تسير كالذي يقاد إلى الموت، ويخطو على الشوك. وكلما خطت بقدميها خطوة تلفت قلبها إلى الخلف لفتات… إلى الكوخ العزيز، و إلى الغابة المسحورة. إلى هنالك حيث الحلم الذي أشرق في حياتها لحظة ثم غاب. إلى الرؤيا المجنحة التي لازالت ترفرف هناك… !

— إلى أين يا ساسو ؟ إلى أين أيتها المسكينة ؟ إلى أين يراد بك، وهناك في الغابة حلمك الجميل؟… ومضت ليلة إثر ليلة والركب العاني يسير ، والشيخ الفاني يبدو عليه الملل ، فإذا الشيخة المعروقة تتشدد لتصخب على الشيخ وتثور :

— أتراك كنت باقياً هنالك حتى تفسد علينا ساسو ؟ لوكان من لداتها لتركنا الأمور تسير ، واقلنا : نظرة فخطبة ، فعرس.. ولكن هذا ! هذا الفارس الثري الذي يلقى بهذه المرة من نقود الذهب كما يلقى بالحصاة ، أتراه يتزوجها زواج الشرفاء الأحرار ؟ أم تراه يسرقها من بيننا بنقوده الذهبية حيث تغدو ساسو الشريفة خليلة في عداد الرقيق ؟.. أتقول لي : تعبنا وهلكنا ؟ النار ولا العار أيها الشيخ الخرف. النار ولا العار ، أليس كذلك أيها الرجل الشريف ؟ !