صفحة:المدينة المسحورة (1946) - سيد قطب.pdf/46

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

٤٤

وغلب عليه التأثر، فتغرغرت عيناه بالدموع…

وتهيأ الملك الشاب يا مولاي للرحيل. الرحيل إلى حيث لا يدرى. ولكنه تزيا بزي التجار، وأمر فأعدت سرا قافلة محملة بالزاد والمتاجر من بضاعة الجنوب، يصحبها جماعة من الخدم والحشم، وعلى رأسهم حور حارسه الخاص، الذي كان وحده يعلم سر الرحلة ولا يبوح.

ولما كان المشير شيخا مجربا أريبا، فقد خاف إن هو أشاع بسفر الملك في مثل هذه الرحلة الغريبة أن يحدث ذلك رجة في المملكة لا تحمد عقباها، فاتفق مع الملك ألا يعرف أحد بالخبر، وأن يعلن في القصر أن الملك مريض، وأن الأطباء قد قرروا ألا يدخل عليه أحد حتى يشفى… ورجا بهذه الحيلة أن يدبر الأمور حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا

وعند ما حان الفراق ودع المشير مليكه وربيبـه، والدموع تبلل شيبته الوقور ؛ ثم تماسك ليواجه العبء الضخم الذي سينهض به منذ الغد وهو شيخ كبير.


أما الشعب فقد شاهد قافلة تمر بالمدينة إلى الشمال كالقوافل الكثيرة التي تهبط في الحين بعد الحين. وعنـد ما أعلن إليه